️العلامة / أحمد بن يحيىٰ النجمي
« رحـمـه اللـَّه »
✿ حكم العمليات الاستشهادية ✿
س/ فضيلة الشيخ : نسمع كثيراً عما يسمى بالعمليات الاستشهادية
” الانتحارية “ وصورتها كالآتي :
يقوم الرجل بوضع قنبلةٍ في ملابسه ، وعندما يصل إلى منطقةٍ معينة محددة من قبل الجهات المنظمة لهذه العملية ، فإنَّه يقوم بتفجير نفسه قاضياً معه على كل من وجد في هذه المنطقة .
أو يقوم بقيادة سيارةٍ مليئة بالمتفجرات ، وعندما تصطدم السيارة بمكان معين تتفجر وينفجر معها السائق .
◈ والسؤال هو : ما حكم من يقوم بهذه العمليات الانتحارية ؛ سواء قصد الانتحار أو لم يقصد ، وذلك بهدف إلحاق الضرر بالعدو ؟
ج / الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه .
◈ وبعد : تسألون عن حكم العمليات الانتحارية التي وصفتم ، وهذه العمليات عملياتٌ محرمة لا يجوز فعلها ؛ لأنَّها مبنيةٌ على الخيانة ، وعلى أمور خفية يكون فيها تستر على الغادرين .
✬ والغدر لا يجوز والخيانة محرمة ؛ حتى ولو كان القصد منه إلحاق الضرر بالعدو ، وحتى لو كان العدو معتدياً وظالماً ، فالله يقول : ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾.
✬ وجاء في الحديث
( أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك )).
◈ فالخيانة منبوذةٌ في الشرع الإسلامي ، وممنوعة فيه ، وكذلك الغدر أيضاً إذ لم يأمر النبي ﷺ أصحابه أن يغدروا بأحد من قادة الكفر ؛ كالوليد بن المغيرة ، وأبو جهل ، وعتبة بن ربيعة وغيرهم .
◈ والمهم : أنَّ هذه العمليات تصدر من قوم جهَّال يجهلون الشريعة ، فيعملون أعمالاً مبنية على العاطفة من دون أن ينظروا هل هي مباحة في الشرع أم لا !! فهم يرون ظلم الأعداء وعسفهم ، فيظنون أنَّ ما عملوه له وجهٌ من الصواب ، وليس كذلك، ولعل هناك من يفتيهم بجواز هذه العمليات .
✬ ثم إنَّ في ذلك جنايةٌ على سائر المسلمين ؛ حيث أنَّ العدو يزداد في العِداء لهم ، والظلم والعسف لهم ، فانظروا مثلاً العمليات التي حصلت في أمريكا ماذا ترتب عليها من ظلم للإسلام وأهله ، واعتداء عليهم !!
◈ فالأفغان فيها الملايين من المساكين الذين ظلموا بسبب تلك الحادثة ، وكذلك الفلسطينيون والعراقيون ، فنسأل الله أن يبصر المسلمين ، ويجنبهم القادة الجاهلين .
✬ أمَّا وصف هذا العمل بأنَّه استشهاد ، فإنَّه وصفٌ في غير محله ، ولما سمع النبي ﷺ أمَّ العلا وهي تقول لعثمان بن مظعوم - رضي الله عنهما - حين مرض ومات : رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله ، فقال لي النبي ﷺ
( وما يدريك أن الله أكرمه . فقُلتُ : لا أدري بأبي أنت وأمي يا رسول الله . فقال رسول الله ﷺ : أما عثمان فقد جاءه والله اليقين ، وإني لأرجو له الخير ، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي . قالت : فوالله لا أزكي أحداً بعده أبداً )).
✬ وقد ورد النهي عن أن يُقال فلانٌ شهيد ؛ لأنَّ الشهادة تترتب على الإخلاص ، والإخلاص لا يعلمه إلا الله فلا ينبغي أن نصف المنتحرين بأنَّهم شهداء ، ولا أنَّ عملهم شهادة .
✬ ولكنَّا نرجوا لمن مات على التوحيد إذا كان عمله مشروعاً نرجو له الشهادة .
✬ أمَّا عمل هؤلاء ، فإنَّه عملٌ جاهلي ، ولا يصح أن نصف أصحابه بأنَّهم شهداء وبالله التوفيق .